كتب جمال كنج أن الحرب الإسرائيلية على غزة لا ترتبط بأحداث 7 أكتوبر ولا بملف الأسرى، بل تهدف أساساً إلى حماية ائتلاف يميني عنصري واستغلال إدارة أميركية خاضعة لفرض مشروع توسعي توراتي. جوهر هذا المشروع هو خلق ظروف "ترحيل ذاتي" عبر التجويع والقصف بهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.

أشار الكاتب في مقال لميدل إيست مونيتور  إلى أن إسرائيل رفضت وقف إطلاق النار بعد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة، وهددت بتسوية غزة بالأرض على غرار بيت حانون. وزير الحرب الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، تفاخر بنشر صور جوية لمدن مدمرة مثل رفح وبيت حانون، متوعداً غزة بمصير مماثل. في الوقت نفسه، تخطط الحكومة لدفع مليون مدني نحو "مدينة خيام إنسانية" في الجنوب، حيث يعيش الناس محاصرين بلا طعام أو ماء أو كهرباء، في انتظار ترحيلهم القسري.

في الضفة الغربية، أعاد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تفعيل مخططات قديمة لتفتيت فلسطين إلى كانتونات معزولة، بحيث تتحول الدولة الفلسطينية المفترضة إلى ثلاث بؤر مقطعة الأوصال. الهدف هو تكريس مشروع "من النهر إلى البحر" كواقع استيطاني دائم. أوروبا تدرك هذه الحقيقة، لكنها تكتفي ببيانات إدانة لفظية بينما تستمر في منح إسرائيل امتيازات تجارية واستيراد منتجات المستوطنات التي تصفها بغير الشرعية. بذلك، تشارك أوروبا في تمويل آلة الحرب والفصل العنصري.

الولايات المتحدة بدورها لا تكتفي بتغطية إسرائيل، بل تعزز جرائمها. إدارة دونالد ترامب منحت تل أبيب شيكاً على بياض لتدمير غزة وخنق الضفة. بالتوازي، يضغط المفاوضون الأميركيون لعقد صفقات تطبيع جديدة مع أنظمة عربية بينما تُجبر المقاومة في لبنان وسوريا على التراجع تحت تهديدات وعقوبات.

نفوذ إسرائيل في واشنطن يتجاوز حدود السياسة. اللوبي الصهيوني (أيباك) يضمن ولاء الحزبين من خلال تمويل الحملات الانتخابية، بينما توظف إسرائيل أدوات ابتزاز وفضائح جنسية وإعلامية لأذرع الساسة الأميركيين. الكاتب يشير إلى فضائح تشمل شبكات استغلال مثل جيفري إبستين، وصولاً إلى قضايا تهريب أموال وجرائم جنسية ارتكبها إسرائيليون على الأراضي الأميركية وانتهت بالإفلات من العقاب بفضل تدخلات سياسية وقانونية.

النتيجة المباشرة لكل ذلك تُقاس بأرواح الفلسطينيين. غزة غارقة في الخراب، سكانها يصطفون تحت مرمى القناصة والطائرات المسيّرة للحصول على فتات الغذاء. الضفة تعيش تحت نظام نقاط التفتيش والطرق المخصصة للمستوطنين وهجمات مجموعات "شبيبة التلال" المدعومة من الجيش. المشروع الإسرائيلي واضح: لا سيادة فلسطينية، لا حق عودة، ولا حياة كريمة لأصحاب الأرض.

المجتمع الدولي يكرر الصمت ذاته الذي أحاط بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قبل انهياره بفعل المقاطعة والعقوبات وضغط التضامن الشعبي العالمي. اليوم، يفرض الواقع نفسه: لا يمكن وقف الإبادة في غزة إلا عبر إجراءات مماثلة من مقاطعة واستثمار العقوبات على إسرائيل ووقف التعاون مع مشروعها الاستيطاني.

يحذر الكاتب من الاكتفاء باعتراف أوروبي رمزي بدولة فلسطين دون ترجمة عملية عبر حظر التجارة مع المستوطنات وفرض عقوبات على قادة الاحتلال. في المقابل، يواصل ترامب سياسة ازدواجية صارخة، إذ يدعو روسيا وأوكرانيا إلى وقف القتال بينما يشجع إسرائيل على استكمال حرب الإبادة. أما الأنظمة العربية فتتذرع بالالتزامات الدولية بينما تسهم عملياً في خنق الفلسطينيين.

يخلص جمال كنج إلى أن إسرائيل ستواصل حربها طالما تحظى بحماية واشنطن وتواطؤ أوروبا وصمت الأنظمة العربية. ويؤكد أن القضية لم تعد تحتمل الحياد: كما كشف التاريخ مع الهولوكوست، لا وجود لموقف وسط في مواجهة الإبادة الجماعية، بل خيار واحد واضح: إما الوقوف معها أو ضدها.

https://www.middleeastmonitor.com/20250825-un-declares-famine-in-gaza-no-middle-ground-on-genocide-youre-either-with-it-or-against-it/

https://www.middleeastmonitor.com/20250825-un-declares-famine-in-gaza-no-middle-ground-on-genocide-youre-either-with-it-or-against-it/